شكّلت نسخة تشيلي 2025 المشارَكة الثانية لكوبا في نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة FIFA
رغم أنه لم يتمكن من تجاوز دور المجموعات، فإن النقطة التاريخية التي حصدها تمثّل خطوة هائلة في الاتجاه الصحيح
المدرّب بيدرو بيريرا: "ينبغي أن نفكّر في كيفية رعاية المواهب حتى ننمو على الصعيد الدولي"
بعد اثني عشر عاماً من مشاركتها الأولى في بطولة كأس العالم تحت 20 سنة FIFA™، جاءت نسخة تشيلي 2025 لتُسجّل الظهور الثاني لمنتخب كوبا في هذا الحدث الكروي الأبرز على صعيد هذه الفئة العمرية. فكما كان الحال إبَّان ظهورهم الأول، لم يتمكّن أبناء الكاريبي من اجتياز عتبة دور المجموعات، لكن أداءهم أفرز العديد من الإيجابيات، وعلى رأسها التعادل التاريخي مع إيطاليا بعدما قلبوا تأخّرهم بهدفين، محققين بذلك إحدى أبرز مفاجآت الدور الأول.
ويرى المدرب بيدرو بيريرا أن النقطة التاريخية الأولى التي حصدها فريقه في البطولة لم تكن سوى مكافأة على عمل دؤوب وثمرة مستحقة على الجهود المبذولة، وهو الذي اعتبرها فرصة لمواصلة تطوير اللعبة في البلاد، حيث قال في هذا الصدد: "الشعور العام إيجابي. بالنسبة لهؤلاء اللاعبين، ولهذا الجهاز الفني، ولكلّ من ساهم في النهوض برياضتنا في كوبا".
وتابع: "ذلك التعادل وأسلوب اللعب الذي قدّمناه دليلٌ على أننا نزخر بمواهب حقيقية في كوبا، إذ سيكون ذلك بمثابة حافز لكثير من الأطفال والشباب الذين يعشقون كرة القدم في بلدنا".
فإلى جانب التعادل 2-2 مع إيطاليا، أبلت كوبا البلاء الحسن في هذه المشاركة المشرفة، حيث قدَّمت عروضاً ملحمية، رغم أنها خسرت أمام كل من الأرجنتين (1-3) وأستراليا (1-3). ورغم أن تلك النتائج لم تعكس ما كان يتمناه الفريق، إلا أنه هززّ الشباك في مبارياته الثلاث ونال احترام الجميع، وهو ما علَّق عليه المدرب بالقول: "بالنظر إلى ما نزخر به من لاعبين وإمكانات، كنتُ أشعر أننا قادرون على التنافس، وقد أثبتنا ذلك بالفعل. والآن ينبغي أن نفكّر في كيفية رعاية المواهب حتى ننمو على الصعيد الدولي".
يُذكر أن بيريرا مثّل كوبا خلال مسيرته كلاعب، حيث شارك في تصفيات كأس العالم FIFA 2006™، ثم انضم إلى الاتحاد الكوبي لكرة القدم سنة 2021 حيث بدأ بالعمل مساعداً لمدرب المنتخب الأول ومنتخب تحت 20 سنة، علماً أنه لم يستلم دفة هذا الأخير إلا قبل شهر واحد من انطلاق كأس العالم تحت 20 سنة تشيلي 2025 FIFA™، وذلك بعد استقالة يونيلِيس كاستيو من منصبه.
هذا ويُعد بيريرا من المدربين الذين وقفوا شاهدين على تعاون FIFA مع الاتحاد الكوبي لكرة القدم في مجال التطوير خلال السنوات الأخيرة، حيث أكد أن "الدعم المقدَّم على صعيد تجهيز الملاعب أساسي وبالغ الأهمية، شأنه في ذلك شأن توفير المُعدات التي تساعد على تحسين جودة التدريبات"، مضيفاً أن "ذلك يكتسي قيمة خاصة في البلديات، حيث نُنقِّب عن المواهب".
وعلى صعيد البنية التحتية، تمكّن الاتحاد الكوبي لكرة القدم من تحديث منشأتين أساسيتين، هما ملعب أنطونيو ماسيو في سانتياغو دي كوبا وملعب لا بولار في هافانا، وذلك بفضل الدعم الذي حصل عليه من برنامج FIFA Forward.
وبالفعل، اكتملت أشغال تجديد ملعب أنطونيو ماسيو سنة 2022، حيث جُهّز بعشب اصطناعي وعناصر أساسية أخرى مثل المرامي ومقاعد المنطقتين الفنيتين، علماً أنه صار منذ ذلك الحين يستضيف مباريات دولية ومحلية، كما أصبح معقلاً لمختلف فِرق الفئات العمرية، ذكوراً وإناثاً.
أما ملعب لا بولار، فقد أُعيد افتتاحه على مرحلتين، انتهت أولاهما عام 2017، وشملت تركيب أول عشب اصطناعي في الجزيرة، بينما استُكملت الثانية منتصف العام الحالي، حيث تضمّنت غُرف ملابس جديدة ومدرجات مغطاة ومكاتب وأنظمة إنارة وألواحاً شمسية، ليتحوّل الملعب بذلك إلى واحد من أهم معالم كرة القدم الكوبية على الإطلاق.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم مع FIFA على مشاريع أخرى للبنية التحتية في هافانا، بما في ذلك تركيب العشب الصناعي الجديد على الملعب الرئيسي لملعب بيدرو ماريرو الوطني.
كما انضم الاتحاد الكوبي لكرة القدم هذا العام إلى برنامج Football For Schools، الذي يستثمر اللعبة الأكثر شعبية في العالم باعتبارها وسيلة لتعزيز التعليم والنشاط البدني وتنمية المهارات الحياتية، بقدر ما يهدف إلى زيادة عدد الشباب والشابات الذين يمارسون هذه الرياضة.
وقال بيريرا في هذا الصدد: "هناك عدد لا بأس به من الناس الذين يمارسون كرة القدم في كوبا، ولكننا نولي أهمية بالغة لكل ما من شأنه أن يساعد على توسيع قاعدة اللعبة، وما قدّمناه في تشيلي سيساعدنا في ذلك أيضاً".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، شارك بيريرا في ورشة عمل لتأهيل المدربين من تنظيم FIFA ، وهو يرى أن هناك عوامل أخرى ستساهم في تشجيع تطوير اللعبة على الصعيد الدولي، ومن بينها إقامة بطولة كأس العالم تحت 17 سنة FIFA™على أساس سنوي، علماً أن كوبا لم تتأهل إلى هذه المسابقة منذ عام 1991.
وقال في هذا الصدد: "إنه أمر إيجابي للغاية لأنه يدفعنا إلى مواصلة العمل مع منتخباتنا طوال العام. صحيح أن وقت التحضير بين التصفيات سيكون أقصر، لكن ستكون هناك منافسة أكثر وبمستوى أعلى، وهذا من شأنه أن يساعد على إرساء أسس مجموعة أقوى في فئة تحت 20 سنة، ما سيوسّع القاعدة للمنتخب الأول".
وفي سياق متصل، يُشيد بيريرا بتوسيع نطاق المشاركة في بطولة كأس العالم FIFA™ من 32 منتخباً إلى 48، موضحاً أن ذلك "يمنح بلداناً مثل بلدنا مزيداً من الحوافز للتأهل". ورغم أن كوبا خرجت بالفعل من سباق المنافسة على موطئ قدم في النسخة المقبلة، إلا أن بيريرا أبى إلا أن يوجّه رسالة واضحة إلى لاعبيه، حيث شدَّد في ختام حديثه بالقول: "بإمكان هذا الجيل الذي شارك في تشيلي، بل ومن الواجب عليه، أن يحلم بكأس العالم FIFA 2030™".